کد مطلب:280390 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:253

الانقلاب علی تعالیم خیمة الاجتماع
ذكرت التوراة تحذیر الله لبنی إسرائیل واللعنة إذا لم تسمعوا لوصایا إلهكم وزغتم عن الطریق وأخبر القرآن الكریم أنهم لم یسمعوا وزاغوا عن الطریق. وقال تعالی: (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا یهدی القوم الفاسقین) [1] والزیغ: المیل عن الاستقامة. ولازمه الانحراف عن الحق إلی الباطل. فهم زاغوا أولا. فأزاغ الله قلوبهم لسوء اختیارهم. وإزاغته تعالی إمساك رحمته وقطع هدایته عنهم كما یفید التعلیل بقوله (إن الله لا یهدی القوم الفاسقین) حیث علل الإزاغة بعدم الهدایة. [2] .

والذین تلبسوا بالزیغ وفتحوا طریق الضلال. ظل منهجهم یعمل علی طریق الصد عن سبیل الله علی امتداد الرحلة الإسرائیلیة. وانطلق تحت ظلاله الذین أخذوا بذیول آبائهم وخرجوا عن سبیل موسی وهارون علیهما السلام. وسنبین فی موضعه أن الخط الذی خرج عن طریق هارون وبنیه. هو الذی صد عن سبیل المسیح عیسی علیه السلام وهو الذی مهد للمسیح الدجال بعد ذلك.

ویبین العهد القدیم أن الانحراف فتحت أبوابه مع الفتوحات العسكریة من بعد موسی علیه السلام فمع القتال علی الملك اتسعت رقعة الأرض ودخل السبی ومعهم آلهتهم الغریبة وثقافاتهم التی تفسد الفطرة، وسجل العهد القدیم قول یوشع بن نون لبنی إسرائیل أنتم شهود علی أنفسكم إنكم قد اخترتم لأنفسكم الرب لتعبدوه. فقالوا:

نحن شهود. فالآن انزعوا الآلهة الغریبة التی فی وسطكم وأمیلوا قلوبكم



[ صفحه 55]



إلی الرب إله إسرائیل. [3] .

وتعلیمات یوشع بن نون بنزع الآلهة الغریبة لم تلبث طویلا. لأنها ذابت فی غبار المسیرة بعد وقت قصیر، ویذكر سفر القضاة أن الشعب الإسرائیلی اختار لنفسه مجموعة من الزعماء تولوا قیادته، وكان هؤلاء الزعماء یتم اختیارهم وفقا لصفاتهم الجسمانیة أو الشخصیة، وكان معظمهم من العسكریین، وعلی أكتاف هذه الزعامة بدأت المسیرة تتجرد من المعنی الدینی الذی وضعت أصوله فی خیمة الاجتماع، ولبست المسیرة رداء الغزو والاحتلال، ولم یكن الشعب علی امتداد هذه المدة یحكمه قائد واحد. فمع تمزیق الوحدة الدینیة تمزقت الأرض من تحتهم وتحولت إلی رفع للأسباط والجنود، یقول سفر القضاء وفی تلك الأیام لم یكن ملك فی إسرائیل، كان كل واحد یعمل ما یحسن فی عینیه. [4] .

ومن القیادات التی ذكرها السفر، امرأة تدعی (دیورة) وكانت من العسكریین، یقول السفر ودیورة.. زوجة لفیدوت. هی قاضیة إسرائیل فی ذلك الوقت.. وكان بنو إسرائیل یصعدون إلیها للقضاء [5] ومنهم (جدعون) الذی قاد معارك ضد الجوالة، (والجلعاوی) الذی حارب بنی عموت، و (شمشون) الذی حارب أهل فلسطین.

ویذكر السفر ما ترتب هذه الفتوحات وهذا القتال علی الملك، فیقول فسكن بنو إسرائیل فی وسط الكنعانیین والحیثیین والآموریین والفرزیین والحویین والیبوسیین، واتخذوا لأنفسهم نساء. وأعطوا بناتهم لبنیهم. وعبدوا آلهتهم. فعمل بنو إسرائیل الشر فی عینی الرب. ونسوا



[ صفحه 56]



الرب إلههم. وعبدوا البعلیم والسواری [6] وعبدوا البعلیم.

والعشتاروت. وآلهة آرام وآلهة صیدون. وآلهة مو آب وآلهة بنی عمون وآلهة الفلسطینیین. وتركوا الرب ولم یعبدوه [7] وزنوا وراء البعلیم وجعلوا لهم بعل یرث إلها. [8] .

وهكذا جاءت النتیجة وفقا لمقدمة انقلبوا فیها علی أعقابهم بعد وفاة موسی علیه السلام بزمن یسیر. لقد ساروا بلا رأس وراء الزخرف والأهواء.

فانتهت بهم أقدامهم وهم تحت سقف الامتحان إلی التیه والضیاع.


[1] سورة الصف آية 5.

[2] الميزان 259 / 19.

[3] يوشع 24 / 21 - 23.

[4] القضا ة 17 / 6.

[5] المصدر السابق 4 / 4 - 6.

[6] المصدر السابق 3 / 5 - 7.

[7] المصدر السابق 10 / 6 - 7.

[8] المصدر السابق 7 / 33.